آثار الذنوب
نص الحديث:
قال الباقر(عليه السلام) ما من عبد يمتنع عن معونة أخيه المسلم و السعي له في حاجته قضيت أو لم تقض الاّ أبتلي بالسعى في حاجة فيما يأثم عليه و لا يؤجر، و ما من عبد يبخل بنفقة ينفقها فيما يرضي الله الاّ ابتلى بأن ينفق أضعافها فيما أسخط الله.(1)
شرح الحديث:
الذنوب و الطاعات، لكل منهما آثار.
1- تكوينية 2- تشريعية.
و كمثال على ذلك، فان للربا آثار تشريعية، و هي الجزاء يوم القيامة و ضغط القبر. أما آثاره التكوينية فهي كراهية المجتمع للمرابي.
و الآثار التكوينية تنقسم الى قسمين: البعض لها علاقة منطقية مع الدليل العقلي، و كمثال على ذلك، يقول القرآن، الكريم: «و لاتنازعوا فتفشلوا و تذهب ريحكم»(2)آثار منطقية معلومة، و حينما يحدث الاختلاف فان القوة تذهب هدراً وهباءاً و بدلا من الاصطدام مع العدو، يكون الخلاف و الاصطدام مع الاخوة.
أو هناك مثلا آخراً ورد في القرآن الكريم، حيث يقول تعالى: «إدفع بالتي هي أحسن فاذا الذي بينك و بينه عداوة كأنه ولي حميم»(3)
لقد كان الرسول(صلى الله عليه وآله) و الائمة الاطهار(عليهم السلام) على هذه الشاكلة، فقد كانوا يحبون حتى أعدائهم، الى درجة إن أعدائهم يظهرون الأسف و الخجل على ما يمارسونه في حقهم من معاملات سيئة و غير لائقة.
و البعض الآخر من الآثار التكوينية غير واضحة للعيان، و كمثال على ذلك، ماورد في هذه الرواية:
«صلة الرحم تعمر الديار و تزيد في الأعمار» فهذا أثر تكويني ولكن لانعلم كيف يزيد العمر نتيجة لممارسة هذه العملية.
أو في مثال آخر حيث يقول القرآن الكريم:
«و من يتق الله يجعل له مخرجاً و يرزقه من حيث لايحتسب»
إننا لاندرك كيفية زيادة الرزق عندما يكون الانسان ذاتقوى و ما هي علاقة التقوى بالرزق.
المسألة المهمة هي أن كل العبادات و المعاصي لها آثار، و من الممكن أن يتوب الانسان بعد الذنب، و يغفر الله له، ولكن الآثار التكوينية للذنب تبقى، حيث أن التوبة تزيل الاثر التشريعي ولكن الأثر التكويني يبقى الى مدة، مثله كمثل السم الذي ينتشر في جسم الانسان فانه لايخرج بسرعة، الا بواسطة مضادات السم و التي تقلل من تأثيره.
و قد أشارت هذه الرواية الى أثرين تكوينيين، و اذا ما إنتبهنا لهذه الآثار فان المجتمع يصل الى مراحل الصلاح و بسرعة.
أرجو من الله أن يوفق الجميع الى الاستفادة من برامج الاسلام الاصلاحية البناءة.
1. تحف العقول، الكلمات القصار للامام الباقر(عليه السلام) و بحارالانوار، ج 75، ص 173.
2. سورة الانفال، الآية 46.
3. فصلت، الآية 24.
(اخوتى هذا درس اخلاقى للشيخ مكارم الشيرازى دام ظله العالى)